السبت، 28 أغسطس 2010

عاش ومات

عاش ومات ولازال يحمل على شفتيه نفس الابتسامات


عاش يحلم ويحلم ويطبق اجفانه على السراب والتخيلات


ولا يزال حلمه هائماً بين الارض والسماوات


يحلم بوعود وورود .. يحلم بالدفء في البرد القارص والظلمات


يحلم بحياة مثالية يكره فيها الطوابير والاختام والقرارات


تمنى لو يحمل معه في قبره افكاره وضحكاته وبعض اللحظات


تمني لو كان طيرا وله الاف الجناحات


انطلق يغني مبتسما بين الجداول والانهار والشجيرات


تعثرت قدماه في الخطى فقام ... وثار .... وسار .... وحاول الاف المرات


صبت عليه هموم الحياة دلاء الحنق والاضطرابات


وماجال بخاطره يوما ان تأتي النهاية على عجلة من امرها


فلا اوصى بسرادق او حدد داراً للمناسبات


ونسى القوم من بعد رحيله ان يسطروا على شاهد قبره بعض الكلمات


... انه عاش ومات ... ولا زال يحلم ... ولازال يحمل نفس البسمات



اسلام زيدان


مذكرات الخميس 20 / 5 / 2010


تعاريف شخص مخرف



الامل : هو ذلك الضوء الخافت في نهاية طريق ... وعلى الرغم من رؤيتك له ، لا يشعر به الاخرون


القلق : هو الاحساس بوجود نار داخل جمجة سيادتك لا تعرف كيف تطفئها


الالم : هو الشعور بالعجز عندما تحتبس بداخلك الكلمات


المستقبل : هي تلك الشاشة التى تنتظر مشاهدة احداث حياتك عليها، وتظل منتظرا منتظرا منتظرا


الماضي : هو ذلك الفيلم الذي يعرضه عليك عقلك الباطن ليجعلك تهتف وبدهشة مطلقة " انا عملت كدة ... مستحيل بتهزر " !!!!!


النجاح : هو طعم الماء المثلج الذي ترتوي به حينما تظمأ بعد احباط الاخرين لك طول الطريق


الفشل : هو المحاولة رقم مليون لتحقيق شئ ما


العجز : عندما تقف صامتا امام ضعف الاخرين


الوجبات السريعة : هي ما تتقيأه علينا الثقاقات الاجنبية وعقدة الخواجة


الحب : هو المغناطيس الذي يجذب في مجاله كل حواسك فلا تقوى على الهروب


الموبايل : هو ذلك الاختراع الذي تظل تنظر اليه طوال اليوم منتظرا مكالمة من شخص لا يتكلم مطلقا

الاتوبيس (المواصلات العامة المصرية) : هي الاثبات العلمي ان الانسان مش اصله قرد .. لأ دة اصله حتة تونة في علبة محكمة الغلق


الجرائد الحكومية والمعارضة : هم هؤلاء القوم الذين لهم القدرة على صياغة الكلمات بشكل يستطيعون معه اعادة نفس الخبر يوميا بحيث لايمل القارئ من المتابعة


الحرية : ذلك النفس الذي تأخذه .. فتكتمه بإرادتك ... وتخرجه بإرادتك ..... الحرية هي الحياة


الحكمة : هي الميزان الذي تلجأ اليه في حل الامور المستعصية


الارهاب: هو الاحساس بالخوف من مدرس الرياضيات عندما يكتب كلمة "مراجعة" على السبورة


الحياء : اصبح العملة النادرة في مجتمعاتنا المعاصرة


الادب : احيانا يتذكره بعض سائقي الميكروباص فيكتبونه على النافذة الخلفية للتويوتا " الادب فضلوه عن العلم" !!!


الادمان : هو الضعف والخنوع امام فكرة معينة


الوحدة : هي الحالة الوحيدة التى لاتنزعج فيها من الاخرين


التفاؤل : هي البسمة المرتسمة على شفاه الاطفال


العقل : هو هذا الصوت الخافت فينا والذي يصر على التدخل في كل الامور


الضمير : والذي احتار في مكانه العلماء ... هل هو بجوار الفشش ام بجوار القلب او في بيت الكلاوي او في المخ؟؟


الاعداء : هم هؤلاء الناس الذين تعرف على طول الخط انهم لايطيقونك


الاصدقاء الاوفياء : موجودون على قيد الحياة ولكن لاتتوقع ان تضغط على الزر فيتحركون لامرك، ففي النهاية هم بشر مثلك ايضا


الوقت : لاتدري به الا بعد مروره


الاسف : المحاولة الخرقاء لتبديد اثر الافعال بالكلمات


السياسة : هي تلك المرأة التى لاينبغي لنا ان نتكلم عنها لانه لايصح ان نتحدث عن اعراض الناس

من خواطر الاحد 22 اغسطس 2010

ان تنتظر


وتظل وحدك في الحياة مسافراً


وتضيع منك الطروق


وتغوص قدماك في نعال الدروب


فلا تتأفف ... ولا يصدر لك صوتاً


وتعود ادراجك خائباً


ولا يسعك سوى الانتظار ....

*********


تدق عليك الحياة ابوابها


وتطل عيناك بلهفة


ان ترى وجها تشتاق اليه


وتفتح الابواب مئات المرات


وتظل عيناك معلقة


وتظل منتظراً ......

********


يرن في اعماقك صوت الحنين


وتدق الهواتف حولك


وتسترق السمع


وتهف عليك ذاكرة السنين


فتنتظر ......


*********

علمتنا الحياة


ان اول خطوات الصبر في طرقاتنا


واول درجات العشق في قلوبنا


لافتة مكتوب عليها .....


انتظار !!!!

خواطر - الاثنين 9/8/2010

قصة مملة


ادار المفتاح في كالون الباب ... دفع الباب بقدمه ليصدر ذلك الصرير .... اطلق سبة وتفل في الارض ولعن النجار الذي قام بإصلاح الباب مؤخراً ..... دخل حجرته يتهادى .... شغل المذياع على اسطوانة ام كلثوم ..... وقف تحت امطار الدش الساخنة وترك رأسه العارية من الشعر لتقذفها حنفية الدش بالرذاذ وتزيل عنها هموم العمل ..... تمدد على الاريكة نصف عار وهو يدندن بصوت عال مع الست " ابدأً ابداً .. اهو دة اللى مش ممكن ابداً ... الله عظمة على عظمة على عظمة يا ست " ابتسم في جذل ..... جذب علبة الدخان المعدنية الذي ورثها عن والده الذي ورثها بدوره عن جده .... انهم من هؤلاء القوم الذين لايستمتعون بالتبغ الا بعد القيام بلفه بأيديهم ..... انها عادة موروثة في عائلتهم في الصعيد الجواني ..... تشبع صدره بالدخان واطلق زفيره حاراً بلهيب الحنين الى الماضي ..... لاتزال ام كلثوم تشدو ...... يرن جرس الهاتف فينظر للرقم ويطلق سبة ويرمي الهاتف على الارض ..... يرن الهاتف مراراُ الى ان يصمت فلا يعود في الحجرة سوى صوت الست وصوت حنفية البانيو التى تتساقط عنها القطرات الهاربة الى بالوعة المجاري ..... " أنسااك دة كلام .. انسااك يا سلام " هكذا تنطلق ام كلثوم في الغناء بينما يشرد ذهنه الى اللحظات التى لاتنسى ..... تذكر حنان زميلته في الجامعة .... لم تكن حنان من المعجبات بام كلثوم مطلقاً .... ولكنه كان يحبها في صمت الرهبان ... في كل مشادة بينهما في كافيتريا كلية الاداب ... كانت وسيلته لجذب انتباهها اليه ان يضايقها بكلامه ... انه من تلك الفئة التى لاتعرف كيف تتواصل مع الاخرين بالطرق المباشرة ... فيلجأ الى الاساليب العنيفة ... ودائما ماكان حسين صديقه ينصحه بأن يغير من طريقته تلك والا فقد الكثير ممن حوله .... وكان هذا يغضبه بشدة فينطلق بصوته العميق وبلهجته الصعيدية " اللى ماعاجبهوش يخبط راسه ف الحيط " .... هكذا تربى في حضن الجبل مع اقرانه .... لا احد يفرض سطوته عليك .... انت سيد القرارات جميعاً .

تذكر حسين ويوم زفافه .... تذكر تلك المشاجرة التى دارت في الممر خلف القاعة الانيقة بينه وبين ذلك النادل المكلف بتحضير الوجبات الخفيفة بكافيتيرا النادي المقام به الحفل .... لم تعجبه تلك اللهجة التى تكلم بها ونظراته التى توحي انه ينظر الى انسان درجة ثالثة .. ... تحركت بداخله لحظتها كل تعاليم الجبل .... وكل عصبية السنون التى مرقت عليه في عزلته وحيدا بالقاهرة ... تجادل بصوته العال ... ورفع عقيرته بالسباب ..... وتناول عصا الكافيتريا التى ارجعته الى سني الصبا والتحطيب .... فتراقصت انامله على العصا بلاشعور منه وقبض على ياقة قميص خصمه .... وبصوت هادئ تملؤه رائحة الادرينالين الذي يجري في دمه " تاجي ونتكلمو وحدينا ... بيناتنا حديت مايصحش الناس يسمعوه " .... تقاذف الخصمان النظرات .... واخذت العصبية بالنادل الشاب الذي اراد ان يثبت رجولته امام ذلك الثائر .... تدخل المقربون في محاولة فض النزاع ... ولكنهما تحركا من المكان الى البهو الخلفي الصامت ... واخذا يكيلا لبعضهما اللكمات والسبابات ... الى ان ارهقهما الضرب فأخذ كل منهم جانبا من الحائط يلهث وينتظر من خصمه لحظة يتهاوى فيها ..... عندها تدخل العقلاء وفضا ماكان بينهما ..... خرج كالمنتصر مزهوا بغزوه ارض عدوه .... لم يدر احدهم من المهزوم حقا ولكنه استطاع ان يرضي ذلك الوحش الكاسر الذي ينادي عليه من فوق جبل كرامته .

" سنين ومرت .... زي الثواني ... ف حبك انت .... وان كنت اقدر ... احب تاني ... احبك انت " يهز رأسه منتشيا عند ذلك المقطع من الاغنية .... حاول ان ينهض من مرقده فخانته ذراعاه ..... استسلم لذلك الشعور اللذيذ بالخدر في قدماه .... ودارت عيناه في سقف الحجرة .... لاحظ خيوط العنكبوت في احد الاركان .... اطلق سبابه بذيئاً وادار عينه بعيداً ... منذ وفاة زوجته من عشر سنوات لم يعد يهتم بحال الشقة سوى امرأة عجوز تاتي اول كل اسبوع .... ماعادت السنون تعطيه القوة ليقوم بهذه الانشطة .... وحيداً يعيش منعزلا في مسكنه بعيد عن الناس ... وعن الاهل ... وعن الاصدقاء .... لكم تمنى ان تأتي اخر لحظاته فوق الجبل الذي شهد طفولته ..... لم يرزق بالاطفال لكن اطفال اخوته يملاؤن عليه الحياة بزخمها وزحامها وسرعتها وطرقاتها المسدودة ..... انحصر نشاطاته في متابعة اعمال المحاسبة في ذلك المكتب المتهالك في وسط البلد .... يعود اليه كل صباح وقد انهكته الذكريات التى تتابع عليه كل مساء ...... الجبل .... شبابه في الجامعه ..... ايام زواجه .... سفره للكويت .... عودته ووفاة زوجته في حادث السيارة .... الارقام التى لاتنتهي كل صباح والتى لايكاد يأخذ منها استراحة في المساء ... لتعاود محاصرة افكاره وخلايا عقله في الصباح التالي .... وهكذا تنقضي ايامه ... وينسحب من تحت قدماه بساط العمر ...... وككل ابناء الصعيد النازحين لقاهرة المعز ... ما ان يستقر حتى تنقطع صلته بالجبل .... ولم ينس ابداً اصوله التى ينتمي اليها .... وعوايده التى تربى عليها .... وتعاليم الجبل التى تخرج فيها شاباً يستطيع الوقوف وحيداً ... ليتلقى صدمات الدهر على صدره.

لاينسى قبل ان ينام ان يشعل سيجارته الاخيرة وهو يتذكر نصيحة حسين ... " التدخين دة هايقتلك، ربنا يهديك وتبطل الدخان اللى هايموتك ف يوم دهوت " .... يبتسم في سره .... فحسين لايعرف ان اخر اشعة قام بها منذ حوالي ثلاث سنوات اشارت الى اصابته باحد الاورام والتي تستلزم تدخل علاجي مكثف ولكنه من حينها .... قاطع كل الاطباء ولم يخبر حسيناً بما صار .... وجل ماينتظره .... هو زيارة الجبل الذي شهد مولده ..... ليشهد كذلك على تقرير الوفاة.

السبت 21/8/2010


اخرس وقلبي مليان كلام

وحيداً .. وكلما ابتعد عن التواصل مع البشر .... يجد نفسه يسقط في بئر الوحدة ... لوحده.

لايدري لذلك سبباً ولكنه يريد ان يتكلم .. هم بأن يفتح اجندة مذكراته ... وكتابة مايمر به من افكار ..... ولكنه وجدها فكرة سخيفة ومملة ... لكم من مرة فعلها .. ان الاجندة مليئة بالافكار التي تريد ان تخرج وفي كل مرة يقرأ فيها ماكتبه ..... يزداد تغاعلا مع الاحداث القديمة الحزين منها ام المفرح على السواء... ولكنها لاتعني شيئاً لاحدٍ سواه.

لماذا لا اتفاعل بهذه الاحداث واتشارك بها مع شخص اخر؟ ... هكذا يفكر في نفسه ..... لماذا لا اتحدث الى احد المقربين ونأخذ في الحكي ... وفي هذه الخطوة ازالة لجدار الرتابة في احداث اليوم.

ولكن مع من سأتحدث ؟ ... ان قائمة الاسماء على هاتفه تحوي العديد من الاسماء .... منهم زملاء العمل ومنهم اصدقاء الطفولة وزملاء الجامعة والجيران في الشارعوبعض من المعارف وكم لابأس به من الاقارب.

لن يتحدث الى المعارف فهم بعيدون عن دائرة اتصالاته ... فهم في قاموسه اصدقاء لاصدقائه ولايهمونه في شئ ... اما اصدقاء طفولته فيتحدث معهم يومياً .... ولكنه يريد شخصاً مختلف .... اما قائمة العمل، فهم للعمل.... فلا يصح ان يدخلوا في دائرة التعاملات الشخصية .... اما زملاء الجامعة فكل في دنياه ، لاداعي لاضاعة اوقاتهم .... يتسأل ... مارايك ان نقوم بجولة سريعة مرة اخرى لنرى من من هؤلاء يمكن التحدث اليه في هذه الساعة.

يقلب قائمة الاسماء على هاتفه للمرة السابعة ...... لعله يجد اسماً جديدا لم يره في امرات الست السابقة ليتحدث معه ... كم هي شديدة حرارة التفاعلات الاجتماعية بين البشر ... ففي كل مرة يتجنب البعض ويستبعد الاسماء ليتبقى له بضعة ارقام لاشخاص هم بالقعل ذوي صلة قريبة له .... ولكن مع استمرار التقليب ، يكتشف انه في وسط الاسبوع .... فيستبعد رقمين .... وانها ساعات العمل الرسمية .... فليسقط رقم اخر ... كلها محاولات لكي يتكلم مع احدهم .... ولكن عما سيدور الحوار؟ ..... الو ازيك يا فلان/ة .... اخبارك ايه .... لا خير طبعا ، انا بس كنت عاوز اسمع صوتك ..... خلاص ماشي هانشوفك قريب .... سلام ... سلام !

يحاول ان يختلق الاسباب فلا يجد، ليسقط معها كل ماتبقى من اسماء وارقام ... وليجدن نفسه ببساطة لايتحدث سوي لعدد بسيط جدا من الاسماء على قائمة هاتفه ... وفي نطاق ضيق جدا .... وانه صار وحيداً .... تغزو ساحة افكاره الخواطر والتأملات وتتركه صريعاً مليئاً بالكلمات التى تريد براحا للخروج .... فلا تستطيع .... ولا يستطيع ان يتجاوب مع الناس في المترو او المواصلات كما يرى بعض الناس يفعلونها يومياً ..... يعتقد انه من الخطأ الشديد ان يفتح وجدانه ويتواصل مع الغرباء.... وان فعلها، هل سيحدثهم عن وحدته الفلسفية ام سيحدثهم عن افكاره التحررية ام عن مواقفه الثورية ام عن ابتهالاته ودعواته ام عن قائمة كتاباته حبيسة الاجندة الكحلي ...... يعتقد .. انه كتب هذه الجملة مراراً خلال اسطر مذكراته ..... لذلك يغلق هاتفه ..... ويتجرع كوباً من العصير ...... ويستلقي في الفراش.


من خواطر السبت 21 / 8 / 2010