السبت، 11 سبتمبر 2010

صور متفرقة 1


- 1 - 

كم يحلو له ان يجلس وحيداً عندما يستمع الى صوت ام كلثوم، يرتشف قهوته ببطء وهو يتذوق الكلمات .... لكم يعشق ذلك الصوت القوي وهو يتهادى على ضفاف الالحان ..... تروق له جلسته في الفراندة بجوار ازهاره وقفص الكناري .... فينسى مع الوقت كم مر عليه من الزمان ..... احيانا يهيئ الي ان ادمعاً تترقرق في مقلتيه .... ولمني لست بجيد الابصار لكي احكم ..... فالمسافة بيننا حوالى 10 امتار ولا يقوى ضوء القمر او ضوء عمود الانارة ليساعدني.

تهتز رأسه على الانغام ولاتتوقف اصابعه عن الحركة والنقر على الحافة الجرانيتية المزركشة ..... انني اعرفه منذ صغري حينما كنا نلهو في الشارع امام بيته .... لطالما صرخ في حينا وراح يسبنا وآبائنا الذين يتركون اطفالهم يعبثون في الشارع ليقلقوا راحة الاخرين.
لا اعرف له وظيفة، فالبعض يقول انه مدرس على المعاش ... والاخرون يقولون بأنه وكيل وزارة على المعاش وتختلف الاقاويل عما يتداوله اصحاب الرأي القائل بأنه "ابن ذوات من بتوع باشاوات الثورة"  ... تصطبغ شعيراته باللون الابيض والذي يزيده وقاراً وهيبة، وتكتمل صورة الوقار في لحيته المنمقة والتي يشبه معها سيجموند فرويد. 

لماذا يتحاور الناس عن سيرته؟ الأنه غامض ولايقترب من مجالسهم؟ ام لأنه اذا خاطبهم قال سلاماً واسرع في مشيته عائداً الى بيته الذي يغلقه بباب حديدي ذو صرير حاد.
لايدري احد من الجالسين على القهوة المقابلة ما صنعته والكل يحاول التخمين، ولكنه يداوم على نشاطاته الغامضة ... فيرتشف القهوة في هدوئه المعتاد .... ويظل ينقر باصابعه على الحافة الجرانيتية عند سماعه لام كلثوم .... ويطعم الكناري الاصفر .... ويعلو صوت صريرر الباب منغلقاً على حياته ووحدته. 

صورة 22 / 7 / 2010 



ليست هناك تعليقات: